أما فريد فهو
فريد الأنصاري
وأما سعيد فهو
بديع الزمان النورسي
وأما سعيدة فأنا،
سعيدة باكتشافهما وممتنة للصحبة الصالحة التي عرفتني على فريد الأنصاري فولجت
عوالمه. وحيث كنت أبحث عنّي في "جمالية الدين: معارج القلب إلى حياة الروح"، وجدتُني في "آخر الفرسان" وهناك عرفت
سعيدا أو بديع الزمان وأي فارس هو وأي رجل كان.
أحبائي هذا
كتاب يقوي الإيمان، يعزز الثقة في الله ثم في الإنسان، يختصر المسافات يحملك طولا
وعرضا في جغرافية التاريخ. تخيلوا كتابا خطه فنان عن عظيم من عظماء الإسلام. وماهو
بصحابي وماهو بتابعي لكنه من خير الأنام.
نابغة، متقد
الذكاء، ذاكرة حديدية استوعبت تسعين من أمهات الكتب، ما ناظره عالم إلا غلبه، عاصر
"الرجل المريض" في أحلك فتراته. حاول أن ينقذ ما يمكن
إنقاذه. دخل في السياسة قصد الإصلاح ثم هرب منها وكرس حياته لخدمة القرآن. شارك في
الجهاد ضد الروس، نفي عامين في سيبيريا ثم عاد لوطنه مشيا على الأقدام. لم ينحن
يوما لطاغية ولا متجبر، لم يجفل قلبه لنظرة قاضي متكبر بل لقنهم جميعا دروسا في
العزة والشهامة وضرب لهم أمثالا في الثبات والكرامة. فيا للهمة التي حملت همّ أمّة.
قضى حياته من منفى إلى منفى ومن سجن إلى سجن لكن
من قلب المحنة تخرج المنحة ومن أقاصي البلاد حيث عزلوه في تلك القرية النائية بين
أحضان الطبيعة الجميلة الرائقة من هناك انبثقت رسائل النور وتتابعت تترى تتلقفها
أنفس المؤمنين المتلهفة وتتناقلها سرا أمدا طويلا.
ما هذا الرجل؟
لكأنه قادم من زمن آخر غير هذا الزمان. أي إبداع وأي ذكاء وأي عقل حباك به الله يا
بديع الزمان؟ أي صبر على المحن وأي حكمة في زمن الفتن؟ والله لا يسعني أن أطيل
الحديث عن هذا الرجل العظيم. ولا أن أوفي هذا الكتاب حقه. سأختبأ كالعادة وراء ما
طاب لي جنيه من قبسات نور في هذه الجنة الوارفة. أحيانا يتكلم فريد وأخرى يتحدث
سعيد أو أحد تلاميذه ومن عاصروه حتى من الشرطة المكلفين بمراقبته !
وكم أعجبني
حديثه عن أمه التي كانت أضوء قبس له مع أنها فارقت الدنيا وهو لا يزال في التاسعة
من عمره.
أضع هذه في
الآخر لأتذكرها ولا أنساها.
ولا أنسى أيضا
حاله عند الصلاة واستغراقه في الذكر والدعاء وغيابه عن الأرض وانشغاله بالسماء في
ذلك البلد الجميل الذي زرته فكان بوسعي أن أتخيل ما رسمه الكاتب المبدع من لوحات
فنية لجمال تركيا ولطبيعتها الغنية.
رحم الله سعيدا وفريدا، وجزاهما عنّا وعن الإسلام خير الجزاء
هذا الكتاب من أروع وأمتع ما قرأت
لله در الأكراد أنجبوا لنا صلاح الدين ثم بديع الزمان
وعذرا ثم عذرا ثم عذرا على هذه المراجعة البائسة لجوهرة نفيسة
إنما أردت أن أدعوكم لنفض الغبار عنها وعما اعترى القلوب من صدأ
وإني من معين الأنصاري عائدة لِأشرب!
بإذن الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق