3/14/2018

الخاتم المفقود



7 مارس 2018
اليوم أضعت خاتمي الخطوبة والزواج، أضعت الذكرى والرمز. متى وأين وكيف؟ لا أدري. كان يوما صعبا وكئيبا رغم بدايته الجيدة. ساعة قراءة مع "أثقل من رضوى". ثم خرجت إلى العمل تتسارع دقات قلبي غيظا وتوترا. حين وصلت تشاجرت مع زميلة لا أتذكر أنني قتلت أبويها كيما تصرخ في وجهي بتلك الطريقة الهمجية البشعة. وأخرى تتفرج لا تحرك ساكنا ولا تطيب خاطري بكلمة واحدة، حتى حين مرت العاصفة وانسحبت إلى بيتها. أغلقت عليها بابها بهدوء وانصرفت بما تبقى من ماء الوجه. لكن كلماتها القاسية بقيت تلاحقني. ذهبت إلى رئيسي في العمل وانفجرت باكية. ثم بكيت مرة أخرى في مكتبي.

كانت صدمتي قوية. لكنني أحمد الله أنني أسأت التقدير ولم أسئ القول. غلطتي مهنية وليست أخلاقية وهذا عزائي. حزت في نفسي تلك الضجة التي أحدثتها "الزميلة" أمام الجميع ثم تذكرت يوم الطائف ورسولي الغالي حين قال للفجرة اكتموا عني فأبوا إلا أن يغرو سفهاءهم وصبيانهم بأن يلاحقوه ويسبوه ويرموه بالحجارة وهو الكريم ابن الكريم. كان ذلك أسوأ يوم في حياته بأبي هو وأمي. تفيض عيناي حين أكتب هذه الكلمات. أين أنا مما تعرض له الأنبياء والمصلحون؟ نمر على الآيات ونقرؤها ولا نستشعر مقدار العنف وقوة الهجوم.

ألملم جراحي. أذهب إلى المسجد لأرتاح. أمي توصيني دائما ألا أنزع خاتمي عند الوضوء كي لا أنساه. هل نزعتهما البارحة؟ لست أدري. لا أذكر إلا إسراعي كي لا تفوتني الركعة الأولى مع الإمام.

خاتمي رقيق دقيق فيه ماسة صغيرة جعلت بعض الحاضرات في خطبتي يتغامزن سخرية من "هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين". ولو علمن ثمنه لربما بكين.. من التأثر طبعا! الطفلة الرومنسية في والشابة الحيية التي تستحي أن تتجول مع خطيبها في مغازات المصوغ وتمد يدها لتجرب هذا الخاتم أو ذاك، هذه الفتاة المغفلة الحالمة أرادت أن تعيش المشهد الكلاسيكي كما في الأفلام. يأتي الرجل فيهبط على ركبته بطريقة مسرحية و يطلب يد حبيبته وهو يمد إليها صندوقا صغيرا فيه خاتم من الماس.

تركت لخطيبي مهمة اختيار الخاتم من باريس أين كان يعيش. لم أكن أعلم أننا سندفع ثمن "الماركة" والحي الراقي وأجرة الصائغ الفرنسي الذي يقبض مرتبه بالأورو. ألف وخمس مائة أورو في خاتم يساوي أقل من ذلك بكثير في قيمته. لكنها باريس بأضوائها وبذخها وأحلامي الساذجة.

كنت أنوي شراء خاتم آخر على أية حال. سأذهب مع زوجي وأنتقي خاتمي بعيدا عن خجل الخطوبة الأولى. وسنحتفل ذات أبريل بخمس سنوات من المودة والرحمة. ذهب الخاتم وبقي الحب وبقيت الذكرى. فلتذهب خواتم العالم إلى الجحيم.

اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيرا منها.

ووالله ما رأيت مصابا كمصابنا في الأخلاق. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

تنويه: الصورة أعلاه هي الصورة الحقيقية لخاتمي المأسوف على شبابه أما خاتم الزواج فما اشتريته من صائغ باريسي كي أجد صورته على الأنترنات.



Cher journal

Cher journal En ce temps de sécheresse artistique et d'absence de vrais tourments et de réels "problématiques" dans ...