5/08/2018

الطريق إلى القرآن



أتممت للتو قراءة كتاب "الطريق إلى القرآن" لصاحبه العالم المجاهد الشاب إبراهيم السكران، ذاك الذي توارى وراء القضبان في عصر الرداءة وجبروت الحكام. توارى جسده الغض وراء قضبان من حديد ولكن روحه بقيت حرة أبية عصية على الحبس. كيف وقد أودعها كتبه وسقاها بفكره ورعاها بكلمته؟  هذا الكتاب الثالث الذي أقرأه لهذا الغيور على الإسلام المجاهد بقلمه في ساحة الوغى، المتصدر للذود عن القرآن فبعد الرقائق والمسلكيات سلكت طريقه إلى القرآن. هذا كتاب يعزز الإيمان وهو من أجل وأسمى ما نستعد به لرمضان. فهو على بساطة أسلوبه وجزالة عبارته يخاطب الوجدان وهو، أعيدها، كتاب يجدد الإيمان.



هذا دأب إبراهيم السكران. أسلوبه سهل يسير وكلمته صادقة غير متكلفة ورسالته واضحة وغايته سامية. من أجل ذلك ترى كتبه ناجحة وقد قصدت شراءها في معرض الكتاب الفارط إلا أنها نفدت تقريبا منذ اليوم الأول أو الثاني. فطوبى له وحسن مئاب! وجزاه خيرا عن الإسلام والمسلمين وفك أسره وأعلى قدره وكتبه من الفائزين.


أما بعد، فماذا عساي أن أقول عن هذا الكتاب؟ وإني لا أحسن التحدث عن الكتب ولا تسويد التحاليل الطويلة والعبارات المنمقة. فأستعين بالله وأقول إنه كتاب لامس شغاف قلبي القاسي واستنزل الدمع من عيني بعد طول انتظار. إنه كتاب يمكن تلخيصه في كلمات: الدعوة إلى القرآن، لنعمر قلوبنا بذكر الله، لا بد لنا من ختمة تدبر في كتاب الله فلا دواء لقلوبنا القاسية ونفوسنا اللاهية سواه. وفيه تحليل نفيس لسورة الفاتحة وهو أروع ما شدني في هذا الكتاب. وفيه تأملات مؤمن يرى أن لقراءة القرآن في الليل سحرا خاصا ويضرب في ذلك الأمثال. وفيه قرع لناقوس الخطر على أوقاتنا الضائعة في غير ذكر الله وأعمارنا الفانية في فضول الطعام والشراب والكلام والترفيه والأنترنيت.


 وفيه تنصيص على ضرورة أن يكون لك ورد يومي ووقت حقيقي مع القرآن. وقد أعجبتني فكرة أن تقرأ القرآن بتدبر وتفكر وحدك في معاني الآيات وترى ما الله فاتح به عليك من فهم قبل أن تلجأ لقراءة كتب التفسير. فسبحان الله، لقد أنزل كتابه بلسان عربي مبين ومن فهم العربية فهم معظم الآيات لكن طبعا هناك أمور تحتاج إلى بحث ومراجعة. وسبحان من قائل:  وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ.


 ثم يؤكد الكاتب على أن نجاحنا وفلاحنا في طلب العون من الله والاستعانة به في أمورنا كلها إلى جانب الأخذ بالأسباب. وهو يرشدنا أن ندعو الله ونلح عليه كي يجعلنا من أهل القرآن وممن يتلونه حق تلاوته. فالتخطيط والتصميم والجهود الشخصية لا تكفي وحدها لاغتنام الفتوحات العبودية. و "إياك نعبد وإياك نستعين" خير مثال ودليل. ثم ألسنا نقول دبر كل صلاة: "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك"؟ بل إني لأدعو بها في سجودي.


والمحصلة أن كل شيء في الدنيا يحتاج منا إلى جهد وإننا لكسالى فيما يتعلق بالدعاء ولولا الفاتحة لربما ما سألنا الله الإعانة والثبات. 



5/07/2018

عن سحر الترتيب، اللهم سحرا



حين قرأت كتب دومينيك لورو تلك الفرنسية المقيمة منذ أكثر من ست وعشرين سنة في اليابان وتعلمت فن البساطة والاتزان، ظننت أنني سأصلح من شأني وأحسن الاعتناء بأغراضي وسأتخلص من أكداس الملابس ومختلف الأشياء التي لا أحتاجها أو لا تجلب لي السعادة. وقد كتبت مراجعات لكتبها مرتين في مدونتي (هنا وهنا). بل إني قرأت لها كتابا يتحدث فقط عن كيفية تنظيف البيت. إي والله، يتحدث عن المسح والشطف ووسائل التنظيف البديلة كالخل والليمون وبيكربوناط الصودا والصابون الأسود! كانت مجموعة كتبها هدية من خطيبي حينها وأب طفلي اليوم. لكن أنا آسفة يا صديقي مازلت على حالي ولم أفلح في تطبيق المبادئ الجميلة لفن البساطة. حتى حين حاولت تنظيم بريدي الالكتروني وإزالة الرسائل القديمة محوت سهوا أجمل وأغلى رسالة كتبتها لي في عيد ميلادنا الأول. وبكيت لفقدها بكاء شديدا. أنت طبعا لم تحتفظ بنسخة منها لأنك تفرغ بريدك بانتظام، كما تفرغ جيوبك كل يوم من النقود والأوراق والبطاقات. تماما كما تنصح ماري كوندو.

ماري من؟ كوندو! تلك التي أتممت للتو قراءة كتابها الذي جاب العالم : سحر الترتيب. عرفتها من خلال صديقاتي على الفايسبوك لا سيما طريقتها الشهيرة في طي الملابس ووضعها منتصبة. لقد طبقت هذه الطريقة في درج أو اثنين من أدراجي. لكن ماذا بعد؟


 كنت أظن أنني بعد قراءة عدة كتب في مواضيع مشابهة دون أن يحدث ذلك تغييرا جذريا في حياتي، قلت ظننت أنه لا طائل من قراءة هذا الكتاب. فلن يكون سوى حجة أخرى علي. لكنني وجدتني منساقة إليه بدافع الفضول وترويحا عن النفس أيضا. وقد سرني أنه كتاب يقرأ بيسر وقد وجدت متعة كبيرة في قراءته إجمالا. فأنت حين تغوص بين دفتيه تبدأ في تخيل نفسك تجلس أمام جبل من الملابس وتتخلص من نصفها، ترى نفسك وقد نجحت في ترتيب بيتك مرة واحدة وإلى الأبد. ترى نفسك حرا طليقا من قيود المادة وعبودية الاستهلاك والتعلق السخيف بمتاع الدنيا.


أعجبني الكتاب في نصفه الأول حين تتحدث ماري كوندو عن مبدأ الرمي والتخلص من الأشياء وقصة شغفها بالترتيب منذ الصغر والطرق التي استعملتها ثم تبين لها قصورها. فأنت هنا تتعلم من أخطائها. هي لا تكتفي برمي "حقيقتها" في وجهك، بل تشرح لك على مهل مجموع التجارب التي قادتها إلى هذه الطريقة بالذات. وقد أحببت جدا معيارها الاستثنائي في فرز الأشياء:



لكنني لم أركز كثيرا في الجزء المخصص لشرح كيفية ترتيب الأغراض المتبقية. فمثل هذه الأمور تكون أكثر وضوحا بالصور. ثم عدت فأحببت الجزء الأخير حين تتحدث عن سحر الترتيب وأنه يعينك على تعزيز ثقتك بنفسك ومعرفة ما تحب أن تفعل بحياتك. 


لكنني استغربت كثيرا من أنها لم تخصص ولو فقرة واحدة لتقول لك ما يجب عليك فعله بالأكياس التي ستخرجها من بيتك. هذه النقطة طالما أقلقتني وأقعدتني عن التحرك الجذري في هذا الاتجاه.

أخيرا لا أوافق بتاتا تلك المبالغات في التعامل مع الأغراض وكأنها كائنات حية بأرواح، هناك الكثير من الخزعبلات المضحكة في هذا الاتجاه وقد أبدلنا الله خيرا منها. فلنا التحية عند دخول البيت ولنا دعاء لبس الجديد والكثير من الأذكار الطيبة. لكنني أوافقها في وجوب أن نعامل أغراضنا باحترام ونعتني بها ونشعر بالامتنان لكن لمن منحنا إياها وليس لها في حد ذاتها.

عموما كتاب رائع خاصة بالنسبة لمن لم يسمع أبدا عن فن التقليل والبساطة، وهو أروع لمن سينتفض قائما بعد قراءة الكتاب ويحمل أكياسا عديدة ثم يجلس في بيته ساعات طويلة ليخرج بعدها إلى العالم بنفس جديدة وقد تخلص من كل الأشياء التي لا يحبها.


الكتاب جميل لكنه ليس رواية ولا أقصوصة إنما هو دليل نحو حياة أفضل. فمن طبق قوانينه فقد انتفع وأما من اكتفى بالمطالعة فمثل هذه الكتب لم تخلق للقراءة بل للتغيير والتطبيق وتصدق فيها مقولة روبن شارما:


أخيرا أرجو أن أعود في المرة القديمة لأخبركم لا برأيي في الكتاب ولكن بما فعله الكتاب بي وما أنجزته في بيتي. وكلي أمل أن أطبق طريقة ماري كوندو منذ اآن حتى إذا انتقلت إلى بيتي الجديد سهل علي ترتيب كل شيء والاستمتاع بحياتي وممارسة هواياتي. والله ولي التوفيق.

مما أعجبني أيضا





تذكرت أن زوجي أهداني مؤخرا كتابا آخر لها بالفرنسية فيه صور ملونة، أرجو أن ينفعني الله وإياكم بهما وأن لا يكونا حجة علي يوم القيامة ! D:




Cher journal

Cher journal En ce temps de sécheresse artistique et d'absence de vrais tourments et de réels "problématiques" dans ...