نهضت على الساعة
السابعة كعادتها. وكعادتها ستشرب قهوتها في خمس دقائق ثم تخصص نصف ساعة لاختيار
ملابسها وانتقاء أكسسواراتها وتلوين وجهها بأدوات الزينة والمكياج. هكذا يبقى لها
عشر دقائق بالضبط لتلحق بالحافلة التي تقف غير بعيد عن منزلهم. وعلى كل لا بأس أن
تذهب إلى جامعتها بسيارة أجرة إن فاتها "القطار". المهم أن لا تضع قدمها
خارجا إلا وهي في كامل أناقتها وجمالها.
وعبثا حاولت والدتها
إثناءها عن الإسراف في الزينة وطالما عجبت من مبالغة ابنتها في الاعتناء بمظهرها،
لكن نتائجها الدراسية الجيدة وحب أبيها وفخره بجمالها وذكائها جعلا ملاحظات الأم
تذهب أدراج الرياح.
هاهي ذي تقف أمام
خزانتها وتمعن النظر في ثيابها المتراصة أشكالا وألوانا، ثم تفحص هاتفها الذكي
لتتأكد من طقس اليوم. وبعد تردد وطول تفكير تختار بنطال دجينز مزركشا في
الأعلى بفراشات صغيرة وقميصا ورديا ذا أكمام تصل إلى أسفل المرفقين وحذاءا أبيض ذا
كعب عال تطل منه أصابع قدميها المطلية بلون الفوشيا. ستضع مع هذه الملابس خاتما
جميلا على شكل فراشة وسلسلة في رقبتها تتدلى منها قيثارة زرقاء وستملئ يديها
بأنواع الأسورة، فالأكمام القصيرة تترك لها مجالا لملئ الفراغ.
الآن جاء دور
الماكياج. تعلم جيدا أنه سيتطلب منها وقتا لا بأس به لكنها كل يوم تصير أكثر سرعة
وفاعلية وقد حفظت جميع مراحل زينة الوجه وتعلمت فنونا من الطلات الجديدة. تراها في
"تلفازها" الخاص، في شاشة اليوتيوب الرهيبة. هناك آلاف الفيديوهات التي
تعلم البنات وضع الماكياج وتصفيف الشعر ومختلف أنواع الزينة.
أخيرا تجمع شعرها في
شكل ذيل حصان ترفعه إلى أعلى، تلقي نظرة عامة على مظهرها، تبتسم لوجهها ابتسامة
راضية. هي معجبة بقوامها الرشيق ولباسها الأنيق، الدجينز الضيق يبرز مفاتنها
والقميص الوردي القصير يضفي عليها براءة طفولية والكعب العالي يجعلها تبدو أكثر طولا
ونحافة. أما نظاراتها الشمسية الأرجوانية فهي كما يقول الفرنسي كحبة الكرز على
الكعكة.
كادت تهم بالخروج ثم
تذكرت تفصيلا صغيرا، هرعت إلى حجرتها وهي تصيح : كدت أنسى !
وضعت خمارا ورديا على
رأسها وثبتته بدبوس يلمع على شكل فراشة. ثم خرجت مسرعة ولسان حالها يقول: الآن
أستطيع أن أواجه العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق