12/25/2018

أم على قلوب أقفالها؟


من بقايا الصحبة الصالحة كتاب تم نصحي به عبر رسالة إلكترونية جزى الله خيرا صاحبتها. أكملته البارحة وأحببت أن أنفض عني غبار الجبن والبخل وأشارككم هذا الخير. كتاب يحتاجه كل مسلم ومسلمة لصلة رحم كثيرا ما نغفل عنها ونقطعها: صلة القرآن.

لن أطيل في الإنشائيات، هذا رابط الكتاب لصاحبه د. شريف طه يونس بعنوان : الهروب من الفهم. يتناول فيه الكاتب قضية هروبنا من فهم آيات القرآن واشتغالنا بالمباني عن المعاني وانشغالنا بتحسين الصوت وإتقان المخارج وتجويد التلاوة مقابل غيابنا التام عن الفهم والفقه والغاية. في حين أن القرآن إنما نُزِّل لنا لنتلقفه بذهنية المتلقي الذي ينتظر أمر ربه ليفهمه ويعمل به. وهذه من أهم اللطائف التي أعجبتني في الكتاب :


بين الكاتب أبرز الأوهام التي تحوم حول فهم القرآن ثم فصلها وأجاب عنها وهي كالآتي:


وقد أتى الكاتب بالأقوال من القرآن والسنة والصحابة والتابعين ونوع الأمثلة والشواهد ترسيخا لفكرة أن القراءة بتدبر وعلى مهل هي القراءة المطلوبة وهي فرض عين على كل مسلم وليس العبرة في كثرة القراءة طمعا في الأجر، دون فهم وعلم ينجر عنه جد وعمل. وساق مثال صلاة التراويح التي يجتهد فيها الإمام لإكمال ختمة في رمضان وقد يشق ذلك على الناس دون أن يحصلوا أجر الفقه والفهم. في حين أن خير الأمور الاعتدال فمن الطبيعي أن يحرص المرء على ثواب القراءة لكن عليه أن يقرأ بتدبر ويجد التوازن بين الفهم والإسراع فلا إفراط ولا تفريط. قال شيخ الإسلام ابن تيمية:




ثم تعرض الكاتب إلى شرح عوائق الفهم ولخصها كما يلي:



 وقد أحببت ما جاء في تفصيل صفة العجز وكيف أنها أصل كل الشرور، فلا عجب أن نستعيذ بالله منها ومن أخواتها صباحا مساء:



ومما أعجبني في هذا الكتاب تلك الجواهر والدرر المختارة من كتابات ابن القيم، خاصة أنني لا أقرأ كتبه في العادة مما يتيح لي فرصة الانتفاع بشيء من حكمه ومواعظه: 



وأخرى رائعة: 

قد بلغت من الكبر عتيا وما قرأت ولا سمعت تعريفا للسعادة بهذه الدقة والبساطة فطوبى لمن آتاه الله جوامع الكلم وأجرى على قلمه اللطائف والحِكم!

وفي الختام قدم الكاتب منهجيته الخاصة لتدبر القرآن ستجدونها مفصلة في الكتاب ثم قال:


وأتى بنصائح قيمة لتخير التفاسير: 


كما نبه على خطورة الاكتفاء بالاجتهاد والفهم الشخصي دون الرجوع إلى قراءة التفاسير والمراجع المعتبرة لكبار العلماء. ليت شعري هل تسمعك "النخب المثقفة" التي تتهافت على تفسير آيات الله وليّها ليّا لتوافق أهوائها وشهواتها الآثمة: 


أخيرا يلخص الكاتب هدفه النبيل من وراء الكتاب فيقول: 

قد يبدو للوهلة الأولى أن القضية لا تحتاج إلى كتاب كامل يؤلف من أجلها فكلنا أو جلنا يعلم مدى أهمية فهم القرآن وتدبره وهو موضوع يُطرح كل عام خاصة في رمضان ويتحدث عنه الشيوخ والعلماء لكننا رغم ذلك لا نقرأ بتدبر إلا في ما ندر ونشتغل بالحفظ وإتقان التجويد ونغفل عن الرسائل والمعاني (هذا إن اشتغلنا وإن قرأنا!). ثم إننا بعدها نركض إلى الكتب الفكرية والتاريخية بل إلى الروايات فنقرأها ولا نخصص ولو خمس دقائق يوميا لقراءة ختمة تفسير واحدة. هذا الكتاب يعينك على تحفيز نفسك وأرجو أن يكون شاهدا لي لا علي وأعلم من نفسي الكثير من البخل والجبن والعجز والكسل لكني أرجو الله أن يعينني على تغيير ما بنفسي. وإني سأشرع بإذنه في قراءة تفسير قصار السور التي نصلي بها ولا نفقه معانيها وأرجو أن تكون لي ختمة فهم كاملة. سأبدأ بالمختصر في التفسير لقد وجدته في الحاسوب. ذلك أنني أستشعر أحيانا وجوب قراءة التفسير فأشرع فيها ثم أتركها أو أتنقل كالنحلة بين التفاسير كلما شغلتني آية واستفزتني للبحث عن معناها.

أخيرا العلم النافع هو العلم الذي يقود إلى العمل وكما قال روبن شارما : ليس المهم ما ستأخذه أنت من الكتب بل المهم ما ستأخذه هي منك! ماهو التغيير الذي سيتحقق في حياتك؟ أترككم مع حكمة أخرى لابن القيم وهو يتحدث عن جسر التعب وقد قرأتها من قبل في كتاب "مسلكيات" للرائع إبراهيم السكران فك الله أسره ونفعنا بعلمه (كل كتبه قيمة وممتعة أنصحكم بها) والسلام عليكم ورحمة الله.


رب يسر وأعن! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Cher journal

Cher journal En ce temps de sécheresse artistique et d'absence de vrais tourments et de réels "problématiques" dans ...