10/06/2016

أباطيل وأسمار 2




-         كفاك يا نفس لفا ودورانا وإنشائيات رومنسية، دقت ساعة الحزم وكان لزاما عليك تحرير مراجعة جيدة تكون في مستوى الحدث.
-         أي حدث ؟
-         أعني إتمامك لقراءة كتاب "أباطيل وأسمار"، هذا إنجاز في حد ذاته.
-         لا أعده كذلك فقد جبنت في آخر الفصول. هناك فصل لم أقرأه كما يجب وسئمت الكتاب بسببه وبدا لي الكاتب شديد التعصب للكلمة، مبالغا في تتبع أدق معانيها والفصل بين استعمالاتها.
-         ويحك إذاً لم تفهمي شيئا من روح الكاتب أيتها الساذجة
-         بلى، لقد صبّرت نفسي واصطبرت على قراءة أسطر حتى دون أن أعيها غفر الله لي لكني في النهاية وصلت إلى بر الأمان وأعجبني جدا تتبعه لمعنى لفظة الدين في القرآن
-         أرأيت كيف بيّن بالحجة والبرهان أن كلمة دين لا يصح أن تطلق على غير الإسلام؟
-         لله دره من كاتب محقق صبور جلد في سبيل طلب العلم والغوص في المعلومات وتمحيصها واستخراج السمين دون شائبة غثاثة، بل رأيته يؤدي رسالته بمنتهى الأمانة وأحببت منهجه العلمي القويم، لا سيما في أوائل رسائله وهو يصاول وينافح عن شيخ المعرة رحمه الله.
-         ها ها أرأيت كيف فضح ذلك الدعي الشقي المفلت من الأسوار، الشرلتان المسمى لويس عوض؟ تا الله لقد كشف عنه سوءته فبدا للناس كيوم ولدته أمه بلا شهادة ولا دكتوراه ولا طيلسان جامعة ولا ألقاب فارغة زائفة.
-         فعلا قد بين بالحجة والدليل خلو هذا الدجال المتثيقف المتفيقه من أي قاعدة علمية أو قدرة على فك طلاسم أي نص بالعربية أو باللغة التي شئت بله تفسير آية من القرآن. إنه فعلا "خبل في حالة تأليف".
-         وما أكثر أشباهه في زماننا. ذكرني بألفة يوسف صديق ومشتقاتها.


-          ثم إنه صبي من صبيان المبشرين ودمية بين يدي أسياده ولولا منصبه كمستشار ثقافي في جريدة الأهرام لما عنى به شيخنا أبدا. لكن مكانة هذه الجريدة في العالم العربي والإسلامي جعلته يخرج عن صمته ويتقلد سيف قلمه الحاد فيدمغ به الباطل فإذا هو زاهق.
-         ذلك دأبه إذا أحس أن مصير الأمة وعقول أبنائها مهددة بالإفساد والإتلاف. لا سيما أنه خبر بنفسه آثار نظام دنلوب في شبابه وعاش صراعاته وعانى من ويلاته.
-         تصوري أن الدرس الأول الذي تعلمه في المدرسة كان درسا في الانجليزية؟! حتى تعلق بهذه اللغة تعلقا شديدا كاد ينسيه حبه للعربية.


-         هذا يذكرني بتعلقي الشديد باللغة الفرنسية لا سيما وقد ارتضعت لبانها من ثدي أمي ونشأت في مكتبة عائلية لا تكاد تحوي إلا كتبا بالفرنسية أتيت على أخضرها ويابسها ثم صرت أتخير قراءاتي وأقتني روائع الأدب العالمي مترجما دائما إلى الفرنسية.
-         أونسيت حبك للعربية عندما كنت تلميذة في الثانوية؟ لولا مناهج التعليم التي عزلَتْها عن المواد العلمية لما انقطع حبل الوصال بينكما.
-         بلى. كان فراقا طويلا ومريرا لم أنتبه لمدى خطورته. كانت عودتي إلى العربية كعودة المغترب إلى قرية طفولته التي فارقها منذ عشرين سنة وصار يمشي في أزقتها وبالكاد يتعرف على معالمها ولولا ما وجدته من حلاوة الكتب الدينية وخلابة الأحاديث النبوية لما عاد للغتي ذاك الوقع الجميل في قلبي. فيا له من تغريب.
-         فعلا إنه التغريب والاستعمار ولا من تحذير أو استنكار.

يُتبع إن شاء الله

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Cher journal

Cher journal En ce temps de sécheresse artistique et d'absence de vrais tourments et de réels "problématiques" dans ...