9/29/2014

عجبتُ سئمتُ كرهتُ


عجبتُ


عجبتُ لمحب عاشق متدينِ، يسكب صبابة قلبه في محيط أزرقِ، بحر متلاطم موجه فيه ألفُ ألفِ حاسدِ. وفوقه وتحته وقبله وبعده عين الخالق حرّم على الخطيب الجهر بحبهِ. يا من أهدى لها خطيبها كلمات الهوى في حائطِ، هلا شكرتِ حبه بذكرى تهديها لهُ؟ أن اتق الله فينا يا أجنبيا عني حتى يحين الموعدُ. أما خشيت على وعد بالزواج قد لا يُكتبُ؟ أما أشفقتَ على قلب شاب أو فتاة يرجو النكاح ولا يقدرُ ؟ أما صبرتَ حتى أصير لك زوجة فقلتَها والرب يباركُ؟ أما أفدت شيئا من كتب قرأتَها وما عرفتُك إلا وأنت قارئُ؟ مالي حاجة بكلام عشق فاللغو قد طلقتهُ. مالي بمزيد حمل يهُدني ففي ذنوبي كدت أغرقُ. قد أنعم الله علينا بقربنا فلنتقي الله حتى نرزقِ. فكم من مخطوبة سمعت كلام عشقٍ شهد نحلٍ مسك عطرٍ في الفم، ثم إذا ملكها حبيبها لم تعد تجد صدى لوُجدهِ. يا من أردتِ السعادة في بيت زوجكِ، اتقي الله قبل أن تدخلِي. ولو ظهر من نفس حبيبك ضعف فعالجيه بذكر الله وذكِّرِي. كل أنثى تحب أن تُهدى شهد الكلام من فم الرجل المتيمِ، لكنها تمسك نفسها في استحياء وتَصَبُّر، فإذا جنت ثمرة صبرها حمدت الكريم على الأنعُمِ، وإذا خَبِرَت بركة جلَدِها فبذلك تُسرُّ وتفرحِ. الحب ليس حراما يا إخوتي، لكن تقوى الله واجبةٌ وخُلُقُ الدينِ الحياءُ فبه فلنتزيّنِ.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم



وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ 
يوسف٥٣




سئمتُ




سئمتُ من حبي للكتب ومن مشاركتي الناس حبي للكتب ومن الصور التي تتحدث عن حب الكتب ومن حبي أن يعرف الناس أني أحب الكتب ومن شكي هل أحب الكتب أكثر أم أحب أن يعرف الناس أني أحب ؟ قد فهمنا أنك تحبين الكتب فكفي عن التذكير ودعي التظاهر واللعب. أَمَا يا نفس قد أكثرت الخطب وأكثرت التباهي ولا تعب. والحال أنك لا تجدين كثير وقت للكتب، وتعيشين في ضغط رقم لا تبلغينه في آخر عام قد اقترب. كل شيء صرت تفعلينه تحت ألف رقيب يتابعك عن كثب. أهو حب المشاركة حقا أم هو التكاثر ألهاك وألهاهم؟ أهو حب نشر المعلومة صدقا أم هناك شيء من الرياء ومسحة تفاخر؟ لم تأخذين الصور المنمقة؟ لم تحرصين على أن يكون كل شيء مثالي، كأنك في مسابقة؟ لم تضعين تلك الصورة الكبيرة على حائط وتنتظرين كم من "محب"؟ لم لا توصدين الباب جيدا وراءك ففي المكاتب لا مكان للصخب ! لم صارت حياتنا أرقاما وإشهارا وخطب؟ ما هذا الداء الذي أصابنا، حب الظهور ثم الغرور، من لي بهذا العطب؟ سئمت من صور الكتب واشتقت لمصافحة الورق !

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3) ﴾
( سورة الصف )




كرهتُ


كرهتُ التعب، كرهت الساعة التي تقتل يومي كل ساعة. كرهت جريي وراء الساعة. كرهت سمعي والطاعة لدقات الساعة. كرهت من اخترع العمل ثمانية ساعات في اليوم مقابل أجر. هي في الحقيقة ليست ثماني ساعات بل عشر أو اثنا عشر، نصف يوم تمضيه بين المكتب والمأكل والمواصلات. تعود للبيت منهكا فتجد زوجة قد أعياها الانتظار وأتعبتها الساعة، تراها تسخر منها ومنك في خلاعة. تلك الخداعة. كرهت عطلة نهاية الأسبوع لأنها قصيرة. والساعة تصير فيها كالدقيقة. ولأنك تمضيها في النوم من شدة التعب أو في الركض لشراء مستلزمات استمرارك في هذه الحياة. ثم يأتي الأقارب فيسرقون من سويعاتك المعدودة ويلومونك على قلة الزيارة وما دروا أنك في حاجة للبقاء وحدك مع نفسك، مع نصفك، مع زوجك.

إنه الاستعباد حقا، حتى في العيد لا يتصدقون عليك إلا بيومين يتيمين لا يغنيان ولا يسمنان من صلة رحم. كرهت ساعاتنا المسروقة في العمل أو في النوم أو أمام الشاشات. شاشات بكل المقاسات. وتلك الهواتف الذكية ... ذكية لأنها تسرق وقتك وسمعك وبصرك لساعات. لأنها تحرمك حتى من تبادل النظرات مع شخص قريب قد لا تراه لأيام، ما هذه الأيام؟

كرهت الصور، كرهت أن أصور ما أطبخ وما أقرأ وما أشرب وما ألبس، كرهت أن أصور الأطفال في نفس الملهى البائس وأن أصور عروسا قد عبثت بوجهها يد حلاقة شريرة، وأن أصور وجها حبيبا لكن متعبا، كرهت أن أصور الغروب عوض أن أستمتع به وأن أصور أصابع زرقاء وأن أصور أشخاصا لا أحبهم. كرهت التصوير لمجرد التصوير وغرقت في آلاف الصور.

كرهت الكثرة في كل شيء، كثرة الصور في حاسوبي وكثرة الرسائل في بريدي وكثرة السكر في الحلويات وكثرة الوصفات في كثرة الصفحات في كثرة الأنترنات وكثرة الفايسبوكيات وكثرة الملابس والأكسسوارات وكثرة السيارات وكثرة الفضلات وكثرة الكثرة ... وكرهت إسرافي في الكلام وكرهت اللغو والابتسام الأبله وتمنيت أن أثور على نفسي الأمارة بالسوء والتبذير، لكن هيهات هيهات فالمرض قد استفحل في نفسي ورحلة العلاج طويلة. كرهت الانتظار.




هناك 7 تعليقات:

  1. ممتاز صديقتي بريما. تألقت كلماتك في هذا المقال.
    أحببت المعنى والأسلوب المميزين،
    دمت مبدعة :)

    ردحذف
  2. ﻋﺠﺒﺖ : ﺃﺑﺪﻋﺖِ ﻓﻴﻬﺎ ! ﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻚِ ﻭ ﻧﻔﻊ ﺑﻚِ..ﺭﻭعﺔ!
    ﻭ ﺭﺑّﻲ ﻳﻬﺪﻳﻨﺎ ﻭ ﻳﺼﻠﺢ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ

    ﺳﺌﻤﺖ : ﻗﺪ ﻻ‌ ﺃﻭﺍﻓﻘﻚ ﻛﺜﻴﺮﺍ، ﺭﺑّﻤﺎ ﻳﺪﺧﻞ ﻓﺎﻋﻞ ﺍﻟخوف ﻣﻦ ﺍﻟﺮّﻳﺎﺀ ﻭ ﺍﻟعﺠﺐ، ﻟﻜﻦّ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻛﺔ ﺑﺒﻌﺾ ﺍﻟﻌﻨﺎﻭﻳﻦ ﻗﺪ ﺗﻨﻔﻊ ﻣﻦ ﻳﺘﺎﺑﻌﻚ، ﻭ ﻫﺬﺍ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ، ﺍﻧﺘﻔﻌﺖ ﻣﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻤّﺎ ﻳﻨﺸﺮ ﺍﻷ‌ﺻﺪﻗﺎﺀ. ﻧﻔﻌﻚ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻋﻠّمك
    ﻭ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺎﻟﻜﻢّ ، ﺑﻞ ﺑﺎﻟﺘّﻔﻜّﺮ، ﻓﺄﻥ ﺗﺸﺤﺬﻙ ﻛﻠﻤﺔ ﺑﻔﻜﺮﺓ ﺗﻬﻴﻤﻴﻦ ﻓﻴﻬﺎ ﻭ ﺗﻐﺮﻗﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺤﺚ ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺰﻣﻦ ﻭ ﺗﺤﺼﺪﻳﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﺍﻟﺪّﺭﺭ ﺧﻴﺮ ﺃﻟﻒ ﻣﺮّﺓ ﻣﻦ ﺗﺮﺍﻛﻢ ﺍﻟﻘﺮﺍﺀﺍﺕ ﻭ ﺧﻠﻖ ﺿﻐﻂ ﺗﺤﺪّﻱ ﻋﺪﺩ ﻣﻌﻴّﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺴّﻨﺔ

    ﻛﺮﻫﺖ : أحسن الله إليك، أحسنت
    التّرف مرهق، يعيي النّفس

    ﺧﺎﻃﺮﺓ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻛﻤﺜﻠﻚ 

    ﺃﺷﺎﺭﻛﻚ ﺳﺄﻣﻚ و ما كرهت نفسك و عجب له فكرك
    ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﻥ

    ردحذف
  3. @يوميات زوجة :

    بارك الله فيك صديقتي، مرورك أسعدني حقا وشهادتك أعتز بها

    جزاك الله خيرا على التشجيع، منك نتعلم الإبداع، دمت مثابرة !

    :) <3


    @ خولة

    جزاك الله خيرا حبيبتي شهادتك أيضا أعتز بها

    لقد حاولت أن أقترب قليلا من أسلوبك في الفقرة الأولى ولكن بدا لي أن أسلوبي هو الذي طغى في الآخر :)

    بالنسبة لسئمت موافقتك أنا بيدي تعلمت برشة من الأصدقاء وخذيت أفكار جدد وتعرفت على كتاب وكتب ما كنتش نعرفهم

    ربما أنا مريت بفترة فقدت فيها الرغبة في القراءة والقدرة عليها فأصبحت ساخطة على التصاور الي تحكي عالكتب هههه

    وزيد فديت مالفايسبوك والتباهي الي فيه وكيفاش ضيعلي وقتي :D

    فبحيث ربي يهدينا ويصلح حالنا

    وبارك الله فيك مرة أخرى وفي قلمك الواعد :)

    PS. merci pour le +1 saydati hhhhh

    ردحذف
  4. السلام عليكم :)
    بريما ما شاء الله! أبدعتِ
    .
    ربي يبارك فيك :) :)

    ردحذف
  5. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته صديقتي

    جزاك الله خيرا وبارك فيك وأعاننا على الخيرات :)

    ردحذف
  6. بارك الله في قلمك و جزاك كل خير مااا شاء الله راااااائعة

    ردحذف
  7. وخيرا جزاك أختي إيمان، ربي يباركلك :)

    ردحذف

Cher journal

Cher journal En ce temps de sécheresse artistique et d'absence de vrais tourments et de réels "problématiques" dans ...